القومية الجديدة

من خلال التعاون يمكننا الإسهام في تعزيز أشكال القومية الأكثر شمولًا

القوميةُ ظاهرةٌ اجتماعيةٌ مُعقدةٌ بتاريخ طويل، تتجسّد في الشعور بالانتماء الوطني والفخر، وتعتمد غالبًا على أساس لُغوي وثقافي وتاريخي مُشترك، القومية قد تكون قوة مُحرّكةً للخير، لكنها قد تتحوّل أيضًا إلى قوة مُدمّرة.

في السنوات الأخيرة، شهدنا نهضة القومية في أنحاء العالم بناءً على عدة عوامل، بما في ذلك رد الفعل ضد العولمة، والتهديد المُتصاعد من الإرهاب، والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي أصبحت أعمق مما كانت عليه في الماضي.

أثارت العولمة شعورًا بالضياع والخوف من فقدان الهُوية لدى بعض الأفراد، الذين يرون ثقافاتهم الوطنية تتأثر بصورة سلبية بفعل التأثيرات الأجنبية، وأدى التهديد المُتزايد من الإرهاب أيضًا إلى تنامي الخوف ممن يصفونهم «بالغرباء» والاستعداد لدعم السياسات التي تقيّد الهجرة والتجارة الحرة.

أما المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المُعقدة، مثل الفجوة المُتسعة بين الأغنياء والفقراء، فقد أثارت الاستياء والإحباط لدى العديد من الناس الذين بدؤوا يشعرون أن أنظمة الحكم في بلدانهم تتجه في الاتجاه الخاطئ بالنسبة لمصالحهم.

هذا الرد على العولمة أصبح أكثر وضوحًا في أوروبا، حيث شهدنا صعود اليمين المُتطرّف مصحوبًا بتزايد الخطاب المُعادي للمُهاجرين والإسلام، وحققت هذه الأحزاب نجاحات في الفوز بالانتخابات في بعض الدول، لكنها تُتهم أيضًا بإثارة الكراهية والانقسام في أوطانها وبين مواطنيها. نعم يمكن للقومية أن تكون قوة من أجل الخير، ويمكنها المُساهمة في تعزيز الشعور بالوحدة الوطنية والفخر، وأن تحمي المصالح والقيم الوطنية، ولكنها قد تتحوّل أيضًا إلى قوة خطيرة عندما تُستخدم لتبرير التمييز أو العنف أو الحروب، وهنا غالبًا ما تكون العواقب وخيمة. علينا أن نكونَ مُدركين للمخاطر التي تنطوي عليها القومية، ولكننا يجب أيضًا أن نتذكر أنها يمكن أن تكون أداةً لتوحيد الشعوب نحو الأهداف الوطنية، وأنه من خلال التعاون يمكننا الإسهام في تعزيز أشكال القومية الأكثر شمولًا وتسامحًا والتي يمكن أن تُساعد في بناء عالم أفضل.

الرأي الأخير ...

التصاعد الجديد للقومية هو ظاهرة مُعقدة لا يمكننا تجاهلها، حيث نحتاج إلى البحث عن طرق لتعزيز أشكال القومية الأكثر شمولاً وتسامحًا ومُحاربة القومية التي تدعو إلى التطرّف والعنصرية، وهذا يعني البحث عن طرق للاحتفال بالهُوية الوطنية دون الإساءة إلى الثقافات الأخرى، وكذلك البحث عن حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع تلك الشعوب إلى دعم هؤلاء القادة القوميين والمُتطرّفين، نعم هي مهمة صعبة ومُعقدة ولكنها تقي العالم من انهيار عالمي وشيك.

(قد تكون القومية طريقة لقمع الآخرين)

إلى اللقاء في رأي آخر...