top of page
صورة الكاتبنواف بن مبارك آل ثاني

موجة حمراء تجتاح أوروبا

تداعياتها على الشرق الأوسط

غيّرت الانتخاباتُ البرلمانيّةُ الأوروبيّةُ الأخيرةُ المشهدَ السياسيَ الأوروبيَ بشكلٍ كبيرٍ، ما قد يؤثر على سياساتها في الشرق الأوسط، فمع صعود الأحزاب اليمينيّة المُتطرّفة وتراجع الأحزاب الوسطيّة والخضراء، يتوقع البعض أن يُعيدَ الاتحاد الأوروبي تشكيل نهجه في التجارة والأمن في مِنطقة الشرق الأوسط.


العَلاقات التِجاريّة والشراكات الاقتصادية


تبقى العَلاقات الاقتصاديّة لأوروبا مع الشرق الأوسط، خاصة في مجال الطاقة، أمرًا حيويًا، ومع صعود الأحزاب اليمينية المُتطرّفة، التي تتسم بالنزعة الوطنيّة، تُثار اليوم حالة من عدم اليقين، وبينما يظل حزب الشعب الأوروبي (EPP) الكتلة الكبرى، فإن مجموعات اليمين المُتطرّف مثل (ID) و(ECR) قد تؤثر على الاتفاقيات التِجاريّة المُستقبليّة، فهذه الأحزاب غالبًا ما تُفضّل السيادة الوطنيّة على التعاون الدولي، ما قد يؤدّي إلى سياسات تِجاريّة أكثر صرامة، وعلى الرغم من هذه التوجهات، من المُرجّح أن تبقى جهود الاتحاد الأوروبي لتنويع مصادر الطاقة قويةً، ما سيُحافظ على عَلاقات تِجاريّة قوية مع مُصدري الطاقة في الشرق الأوسط.


الأمن في مِنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا


تُركّز استراتيجية الأمن للاتحاد الأوروبي في مِنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مُكافحة الإرهاب والهجرة والاستقرار الإقليمي، ومع صعود الأحزاب القومية في البرلمان الأوروبي قد يؤدّي ذلك إلى إعادة تشكيل هذه السياسات بأخذ موقف أكثر صرامة تجاه إيران مثلًا، فغالبًا ما تدعو الأحزاب اليمينيّة المُتطرّفة إلى موقف أمني أقوى وفرض ضوابط هجرة أكثر صرامة، ما قد يؤدّي إلى موقف أقل ترحيبًا تجاه اللاجئين من «مناطق النزاع». وقد يدفع إلى برلمان أوروبي أكثر تجزئة ويميل إلى اليمين نحو زيادة المُشاركة العسكريّة وتبادل المعلومات الاستخباراتيّة مع حكومات الشرق الأوسط للحدّ من تلك المخاطر، ما سيُعزّز العَلاقات مع الأنظمة «الأقل ديمقراطية» في المِنطقة، ولكنه بذلك قد يُقوّض التزام الاتحاد الأوروبي بحقوق الإنسان والإصلاحات الديمقراطيّة.


الحرب الإسرائيلية على غزة


يظلُّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، خاصة الحرب الجارية في غزة، قضيةً حساسةً للاتحاد الأوروبي، تقليديًا، حاول الاتحاد الأوروبي موازنة دعمه لأمن إسرائيل مع الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وحل الدولتين الذي تجسد مؤخرًا في اعتراف عدة دول أوروبيّة بدولة فلسطين، ومع ذلك، فقد يؤدّي صعود الأحزاب اليمينيّة المُتطرّفة، التي يحمل بعضها آراء مؤيدة بشدة لإسرائيل، إلى اختلال هذا التوازن، ما قد يعزل السلطة الفلسطينية ويزيد التوترات. وقد يؤدّي تركيز اليمين المُتطرّف على المصالح الوطنيّة والتشكيك في المُساعدات الخارجيّة إلى تقليص التمويل المُخصص للأراضي الفلسطينيّة، ما يزيد من حدة الأزمة الإنسانيّة في غزة ويؤدّي إلى مزيدٍ من عدم الاستقرار.


الرأي الأخير ...


تُنبئ الانتخابات البرلمانيّة الأوروبيّة الأخيرة بتغييرات كبيرة في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الشرق الأوسط، فمن المُحتمل أن يؤدّي صعود الأحزاب اليمينية المُتطرّفة إلى نهج أكثر تركيزًا على الأمن، ومع تداعيات على التجارة والدبلوماسية والاستقرار الإقليمي، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يوازنَ بين الديناميكيات السياسيّة الداخليّة ومصالحه الاستراتيجيّة في الشرق الأوسط لضمان بقائه لاعبًا رئيسيًا في هذه المِنطقة المُضطربة.

(«أوروبا للأوروبيين» – الدالاي لاما)

إلى اللقاء في رأي آخر،،،


٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page