top of page
صورة الكاتبنواف بن مبارك آل ثاني

هدنة أم سلام؟

هل يبطئُ الشتاءُ الصراعات في لبنان وأوكرانيا، أم أنَّه يُمهد لجولةٍ جديدة من العنف؟

مع حلول الشتاء على المناطق التي مزقتها الحروب في لبنان وأوكرانيا، قد يبدو أن التباطؤ الطبيعي في العمليات البرية يشكل فرصة لتهدئة الأوضاع وإطفاء نيران الصراع. ولكن التاريخ يحذرنا من أن نخلط بين التهدئة المؤقتة والسلام. فالحروب لا تنتهي عندما تنخفض درجات الحرارة؛ بل تتوارى لتستعد للعودة مع أول ذوبان للجليد. وفي هذا الشتاء، يبرز السؤال: هل نحن على أعتاب سلام حقيقي أم أن الأمور تتجه نحو مرحلة جديدة من الدمار؟

في أوكرانيا، لا يبدو أن الشتاء سيجلب أي بوادر للتهدئة الدبلوماسية. استخدام روسيا لصواريخها فرط الصوتية يمثل أكثر من مجرد تصعيد تكتيكي؛ فهو رسالة قوية موجهة إلى كييف والغرب. هذه الهجمات، التي تتحدى أنظمة الدفاع الحديثة، لا تدمر البنية التحتية فحسب، بل تستهدف المعنويات أيضًا. ورغم صمود القيادة الأوكرانية، فإن دعوات الرئيس فولوديمير زيلينسكي للحصول على دعم دولي أصبحت أشبه بنداء في الفراغ. أما الغرب، وعلى الرغم من إعلانه الوقوف إلى جانب أوكرانيا، فيبدو مترددًا في اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد مع روسيا. وبينما تتقدم موسكو بخطى ثابتة لتعزيز مكاسبها، يبدو أن فصل الشتاء لن يعيق طموحاتها، كما لن يعطل تردد الغرب.

في لبنان، ومع الحديث اليوم عن الهُدنة «الموقتة» هناك، إلا أن التصعيد الأخير يسلط الضوء على هشاشة المنطقة الدائمة. الهجوم الصاروخي الكثيف في الأيام الأخيرة الذي شنَّه حزب الله على إسرائيل -وهو من الأعنف منذ أشهر- أثار ردًا إسرائيليًا غير متهاون، مع غارات جوية طالت عمق بيروت. هذه المواجهة ليست مجرد تبادل اعتيادي للنيران؛ إنها مؤشر على تصاعد التوتر في المنطقة. ومع تحمّل المدنيين العبء الأكبر، واستمرار الانقسامات الطائفية، تزداد هشاشة دول مثل لبنان، الذي يقف على حافة الانهيار. ومع ذلك، فإن المجتمع الدولي يبدو مشلولًا، مكتفيًا بالإدانات الكلامية بينما يقترب الشرق الأوسط أكثر من شفا كارثة.

وفي واشنطن، يلوح في الأفق مشهد سياسي جديد. على الإدارة الأمريكية القادمة أن تتخذ قرارًا: هل ستدفع نحو محادثات سلام جادة، أم ستسمح لهذه الصراعات بالاستمرار حتى تندلع موجة جديدة من الهجمات في الربيع؟ لقد اعتادت السياسة الخارجية الأمريكية على التأجيل بحجة «التروّي» ولكن هذا التأجيل قد تكون له عواقب باهظة.

الرأي الأخير…

السلام الحقيقي لا ينبع من هدنة تفرضها الطبيعة أو حسابات سياسية مؤقتة. السلام يتطلب قرارات جريئة وغير مريحة، وإرادة حقيقية لمواجهة الحقائق المؤلمة. فهل القادة العالميون مستعدون للتحرك؟ أم أن هذا الشتاء سيكون مجرد وهمٍ بالهدوء، ما يضمن أن تكون عواصف الربيع القادمة أشد قسوة؟ الوقت، كالعادة، ينفد.

(السلام لا يُنتظر.. بل يُصنع).

إلى اللقاء في رأي آخر ،،،


٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Opmerkingen


bottom of page